نبراس

صغيرٌ يستعد للحياة

أ.فاطمة الأحمد

كاتبة – إعلامية

فكرةُ كل صغيرٍ أن جميع الكبار الذين حوله قادرون على كل شيء, ويستطيعون فعل كل الأمور ،ويعرفون الإجابات، ويحققون الإحتياجات والأمنيات، ،..والحقيقة الأضخم والأكثر في صدورنا أنهم يحموننا..هؤلاء الكبار الذين نرتبط بهم, هم محط الأنظار والتطلع فيحموننا ولو لم يكن بالدفاع, فبعودتهم نهاية اليوم وما يجلبونه لنا معهم وننتظرهم خلف الباب بشوق تكبر به سعادتنا, وبوجودهم مع التودد الذي يظهرونه والحب والتشجيع الذي يقدمونه نشعر بأنه لن يلحقنا بأس, وبالأيادي التي تمسح على رؤوسنا فتزيد في ذواتنا الطاقة والإنطلاقة أكثر, وبالوعود المحفزة بالجوائز إذا أحسنا لنزيد الجهد ونمعن..فتتحقق لنا معاني عظيمة من أكثرها أهمية لدينا هي الحماية, وكل هذا يعني لنا الحماية وكل رعاية الكبير وصنيعه لنا هو حماية تماماً!

فكرة الطفل النهمة للحماية لا يمكن أن تتصور أهميتها، ولا أشكالها ولا المدى البعيد عنها. الحماية أشد ما نريده ولولم يكن هناك ما يستلزم الخوف والفرار.ويوجب الإحتماء فالحماية.
لأنها فقط رئيسية للحياة عند طفل أسوةً بالطعام والشراب,الكبير بجانبنا دوماً فنحن في طمأنينة كبيرة ونستطيع العيش!

الكبار في العائلة يمتلكون جميع الوسائل والدفاع والمعجزات والإمكانات الهائلة والضخمة، فتهون عندنا جميع المشكلات ولا نحزن ولا يصيبنا حزن عندما لا نعرف أو لا نجد طريقة بحيلنا وطرقنا المحدودة، لأننا متأكدون من وجود مساعد قادر وقوي.

كانت خارطة الطريق المؤدية للصحيح دوماً والحقيقة  هي عند الكبير، وكانت التعاليم عندنا موثوقة بالصدق وكيفية العمل ،فنعرف أنه لا تكذيب ولا تضليل ولا إخفاق.والأهم، كنا نسعد أيما سعادة عند المشاركة مع أي شيء حدث لنا في الخارج لأننا بحاجة لكلمات هذا الكبير واهتمامه, فبكل اندفاع نجلس ونقص كل الوقائع بكل مشاعر لدينا ونتحرق بكل شوق لتلقي الرأي وما يقوله.لذا فالكبير معاني شتى عند الصغار.

الآباء والأمهات الذين ينكرون بطريقة ما هذا الداعي ولا يعيرونه أهمية لا يدركون فداحة الأمر..
لم يقوموا بأي بادرة تجاه تطلع أعين الصغار إليهم, ثم مع تقادم الوقت والأيام ومرور الزمن، يجدون تباعداً ومسافة تتسع مابينهم وبين أبنائهم.

ولآحقاً، فالكبار الذين لا يعلمون هذه الحقيقة المهمة, يواجهون مشكلات متلاحقة ويعجزون عن معرفة الأسباب والتوصل للحلول إلى أن يحدث السقوط الكبير والإنحراف السحيق.
بينما الأمر لا يستغرق غير أن تعرف كم يحتاج هذا الصغير للمعنى الكبير الهام للكبير في حياته. أنت الكبير الذي يعني البطل والقدوة, والأول, والملاذ, والدروع, والحق, والوضوح ,والصواب عند الصغير..الأمر أيضا ليس إلا لغة تواصل بصوت وكلمات هادئة بسيطة كل يوم.
هذا هو واقعنا في الصغر وكل شيء تدور حوله الحياة عندنا والاستعداد لها, لأنها تبدأ عندما ننظر للكبير وننتظره.
وعلى الجميع أن يتوقف عند هذا الخطب الهام.